تجربت الاقتراب من الموت
لاشك أن "تجربة الاقتراب من الموت" بجوانبها كافة تعتبر من الغيبيات التي لا تحكمها قواعد معينة، أو ضوابط محددة، أو ترقب حدوثها الأجهزة المخبرية على اختلاف أنواعها، فالعلماء والأطباء أنفسهم قد اختلفوا في تعريف الموت كما رأينا ذلك من قبل، فكيف يتفقون على ما يحيط به، أو ما يجري خلاله، وليس أمامنا سوى شهادات غير مَضبوطة بقواعد مُحدَّدة، يَرويها الذين عاشوا التجربة، ثم عادوا ليخبرونا عن مشاهد تتفق أو تختلف من واحد إلى آخر. ولكن حديث الكثيرين ممن خاضوا التجربة يجعلنا لا نشك في صدقهم عندما يخبرونا عن أشياء بعينها حدثت أثناء مَوتهم سريرياً، مثال: الرَّجل الذي أدخلوه إلى المستشفى فاقداً للوعي، وبعد أسبوع عندما أثمرت الإسعافات التي أجروها له عن نبض قلبه، قال للمُمَرض: "أنت من كنت حاضراً عندما أدخلتُ إلى المستشفى"، وأكثر من ذلك وصف غرفة العناية المركزة التي لم يشاهدها قط، وكيف خلعوا طاقم أسنانه وأين وضعوه؟، جرى ذلك الوصف لأحداث عاشها المَريض أثناء توقف قلبه وتنفسه ودورته الدموية، أي أثناء موته سريرياً. |
العقل والدِّمَـاغ |
ونجد أن أغلب نتائج الدراسات والأبحاث الغربية قد نسبت ما يحدث إلى العقل أو الدماغ ولم تتعدَّ ذلك، مما يجعل تفسيرهم لما يجري داخل التجربة قاصراً في تقديم البرهان على صدق تلك النتائج، بل إنَّ بعض نتائج الأبحاث التي خرجت بها الدكتورة "سوزان بلاك مور" قد أكدت أن التجربة من اختراع الدماغ نتيجة العمليات الكيميائية التي تجري فيه أثناء عملية الاحتضار. وهذا يجعلنا نتساءل: كيف يخترع الدماغ قصصاً جرت له في عالم الغيب بينما توقف نشاطه كليا وزال عنه كل عمل قابل للقياس، وتسطحت موجاته فنراها على جهاز تخطيط الدماغ الكهربائي (E.E.G) مجرد خطوط، ودخل صاحب التجربة إلى عالم الأموات بمفهوم العلماء؟. ونخلص إلى أن الدكتورة "بلاك مور" ومن قال مثل قولها من علماء الغرب لم يضعوا أيديهم على تفسيرات مقبولة لما يحدث أثناء "تجربة الاقتراب من الموت". |
الرُّوح هي أساس تجربة N. D. E |
نعرف كما ذكرت عند وصف الموت في الفصل الثاني من الباب الأول أنَّ عملية الموت هي انفصال الرُّوح عن الجسد، وعبور الرُّوح إلى عالم آخر مختلف، وهذا ببساطة شديدة هو التفسير المنطقي الذي نعول عليه التجربة برمتها. ماذا يحدث أول لحظة في تجربة N. D. E؟ من المعلوم لدينا أن الرُّوح تغادر الجسد في الحالات الآتية: 1- عند ارتفاع درجة الحرارة عن المعدل، واستمرارها لفترة طويلة. 2- عند الغيبوبة، سواء كانت نتيجة المخدرات، أو نتيجة توقف القلب، أو أحد أعضاء الجسم الهامة كالرئتين مثلاً. 3- عند الصدمة العنيفة التي تؤدي إلى فقدان توازن الجسم، وتأثير ذلك على عمل أجهزته. 4- عند النوم. 5- عند الموت. ففي الحالات الأربع الأولى تغادر الرُّوح الجسد بصورة جزئية، ويبقى لها تعلق به عن طريق الحبل الفضي الممتد الطول، وعندما تتوقف حواس الجسد نتيجة الموت السريري تنشط حواس الرُّوح وتعمل تلقائياً، ومن المعلوم أن حواس الرُّوح أرقى بكثير جداً من حواس الجسد. فمثلاً: حاسة الإبصار في الجسم تقابلها حاسة البصيرة في الرُّوح، ففي الوقت الذي تحد البصر حدود الزمان والمكان والمسافة، فإنَّ بصيرة الرُّوح لا تحدها حدود ولا تقف أمامها المسافات، فإن الرُّوح يمكنها أن تر المسافات البعيدة، والمخلوقات غير الأرضية كالأرواح والملائكة، والجن، كما يمكنها أن تر من خلف الحواجز والجدر بيسر وسهولة. ومثال آخر: حركة الجسم محكومة بعوامل منها: القدرة، والوسيلة التي ينتقل بها، والزمان الذي ينتقل فيه، والمكان الذي لا يستطيع تخطيه إلى مكان آخر، أمَّا حركة الرُّوح فتكون بلا زمن (لأنَّ الرُّوح تعبر إلى عالم الحقيقة، وهو عالم بلا زمن)، ففي لحظة يمكن للرُّوح عبور النفق المظلم والوصول إلى الجانب الآخر النوراني.. إلى مشارف العالم الأبدي الحقيقي، فتجد كل شيء هناك على فطرته التي فطر الله تعالى عليها مخلوقاته، فتنهل من التجربة ما قدر لها، وتختزن كل ذلك في ذاكرتها التي تختلف كليا عن ذاكرة المخ أو الدماغ، من حيث أنها لا تنسى، ولا تختلط عليها الأمور. وحيث وصلت الرُّوح إلى تلك النقطة، ونهلت من علومها ما شاء الله لها وقدَّر، فإنها تعود مرة أخرى مفعمة بالتجربة، متأثرة بالمواقف التي مرت بها، مهتزة الكيان من هول الغفلة التي عاشتها من قبل ولم تعمل فيها خيراً، فتبكي أو تتأثر وتستقيم على عمل الطيبات. ويخشى صاحب التجربة أن يحكي تلك المشاهد لسببين هامين: أولهما أنها ستقابل بعدم التصديق، وثانيهما: أنَّ مفردات الكلام لن تستطيع الإحاطة بوصف يعبر ولو جزئيا عن تلك المشاهد والأحداث التي مرت بها الرُّوح. |
عَـودة الرُّوح من عالم الحقـيقة |
لا شك أننا نواجه إيجاد تفاسير وحلول لمواقف صعبة وأسئلة كثيرة، مثل: 1- أين الملائكة بيض الوجوه التي أخبر عنهم القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، الذين ينزلون لقبض الأرواح؟. 2- أين الحنوط والأكفان التي تلف فيها الرُّوح؟. 3- أين البرزخ، وكيف سُمحَ للرُّوح بالعَودة منه بعد دخوله؟. أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات مقنعة موثـقة بالدليل المقبول عقلاً. والإجابة هي: عندما خلق الله تعالى الإنسان، خلق الرُّوح أولاً وأخذ عليها العهد والميثاق، وهو قوله تعالى: }وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ{ (سورة الأعراف، الآية رقم 172). ثمَّ رَكَّبَ خلق الإنسان من جسد ترابي ورُوح علوية؛ ليُصبح نفساً بشرية، وأوجَده في الحَياة الدنيا عندما أتى زمن اختباره، وجعل له أجلاً معلوماً، لا يزيد ولا ينقص، وذكَّره بالعهد والميثاق، وأرسل له الرُّسل بالمُعجزات والكتاب المُبين. |
المَـوْتُ السَّـريري |
المَوت السَّـريري نوعان: أمَّا الأول: فهو الذي تنزل فيه الملائكة ومعهم الحنوط والأكفان، ويتم فيه ما أخبرنا عنه القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، وهو انتهاء عُمر الإنسان في الحياة الدنيا وبداية مرحلة جديدة في الدار الآخرة. وأمَّا الثاني: فلا يكون عُمر الإنسان في الحياة الدنيا قد انتهى بعد، ويكون زمن امتحانه لا يزالُ مستمراً، ولذلك فإنَّ الملائكة وما يصاحبهم من حنوط وأكفان وما أُخْبرنا به يكون محجوباً في عالم الحقيقة، ولذلك أيضاً تتجول الرُّوح في عالم الحقيقة تجَولاً حُراً يُشبه الذي يَحدث أثناء النوم تماماً، في الوقت الذي تجري فيه محاولات الإسعافات الطبية للجسد، والتي قد تثمر فترتد إليه الرُّوح مرة أخرى، كما ترتد إلى جسد النائم بعد تجولها الحر، ومشاهدها المبهرة جداً في عالم الحقيقة، وانظر إلى تصوير القرآن الكريم لحال بصيرة الروح عندما ترى النور الحقيقي، الذي لا شك هو سلام مطلق، في قوله تعالى: }فَإِذَا بَرِقَ البَصَرُ{ (سورة القيامة، الآية رقم 7). أي: لمع البَصر من شدَّة شخوصه فتراه لا يَطرف، قال مجاهد وغيره: يكون ذلك عند الموت، فترى البَصر قد تحير ولم يطرف. وقالت العرب للإنسان المَبهُوت: قد بَرِقَ. وكما نعرف أن جسد الإنسان في تلك الحالة يكون مَيتاً سَريرياً، ممَّا يدعونا إلى التسليم بأن الذي يلمع من شدة شخوصه ولا يطرف هو: بصيرة الرُّوح التي ترى عجباً بالنسبة لمشاهدها السابقة في الحياة الدنيا. هكذا تتوالى الإجابات عن كل الأسئلة التي تتوارد على الذهن، حول مراحل تجربة الاقتراب من الموت N. D. E. |
عمليات "التجميد" خارج القوانين المُتعارف عليها |
لمَّا كانت عَمليات "التجميد" للجسد التي تحدثنا عنها وأوردناها في هذا الباب لا تخضع للقوانين الطبية المعروفة حالياً، حيث إننا نعلم مدى حاجة الجسم بخلاياه كافة للأكسجين، بما في ذلك خلايا الدماغ، التي ذكرنا من قبل أنها لا تستطيع البقاء بدون الأوكسجين أكثر من خمس ـ عشر ثوان، يفقد بعدها الوعي. كما أنَّ الدماغ لا يمكن أن يبق بدون أوكسجين أكثر من ثلاث دقائق، وهو في حالة غيبوبة Coma، يبدؤ بعدها في التضرُّر بعد ذلك. فكيف يدخل الإنسان في غيبوبة وتستمر محاولات إسعافه التي تستمر ساعات وأيام، فتثمر عن عودته إلى الحياة بتجربة ومعلومات جديدة من عالم الغيب؟. وبأي قانون يتم إيقاف عمل الدورة الدموية، والقلب، وأوعية الجسم المختلف، وكل نشاط للدماغ يمكن قياسه؟. وتحت أي مُسمى يتم تخفيض حرارة الجسم إلى ما دون الصفر، أو ما بين عشرة وخمس عشرة درجة مئوية؟. وفي هذه الحالة تكون الرُّوح خارج الجسم في ظاهرة الخروج من الجسد، وترتبط معه بالحبل الفضي، تنظر لما يجري مع للجسد من محاولات مستمرة لإسعافه، ثم يُقدَّرُ لها أن تدخل إلى عالم الحقيقة عبر النفق المظلم، حيث تكون السُّرعة فيه رهيبة بمقياسنا، ثم تلج إلى نور الحقيقة الذي يسود بالسلام والوئام، لتلقى بَعض المَواعظ التي قد تنفعها في الحياة الدنيا بعد عودتها مرة أخرى، وهناك قد تذكر من تركتهم في خلفها من أطفال رُضَّع، فتسمع مَن يقول لها: سَمَحنَا لك بالعودة مَرة أخرى، في الوقت الذي تجري فيه إجراءات الإنعاش للجسد المُسجى، وفجأة يُحرك سَاكناً ويَعود إلى الحَياة، وأول من يستجيب هو القلب، الذي إذا صَلُحَ صَلَحَ الجسد كله. فآليات عمليات "التجميد" وما يُصاحبها من ظواهر تجري للجسد والرُّوح هي علوم لا تزال مكنونة، محجوبة عن البشر، وصدق من قال: }وَمَا أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلاَّ قَلِيلاً{ (سورة الإسراء، الآية 85). والذي يُحاول الإجابة عن ذلك بنظريات وفرضيات لا تعتمد على حقائق عِلمية مُتعارف عليها، يكون قد تجاوز الواقع العلمي، وتطاول ليتجاوز قدره. وكلنا يعرف أن التقدم العلمي الذي يعتمدُ على أدوات الإثبات والرَّصد والتجريب لم يبدأ في تاريخ البشرية إلاَّ منذ مائتي عام فقط، وكان الاعتقاد أنَّ الإنسان يُخلق من نقطة دم حيض متجمدة، حتى سنة 1875م عندما اكتشف العالم الألماني "هيرتويج" اندماج الحيوان المنوي بالبويضة، وفي عام 1939 أمكن للعالم الروسي "سيمون كيرليان" تصوير الهالة التي تحيط بجسم الإنسان، وكانت من قبل مجرد معلومة في عقائد البشر، ونظرية اجتهادية لبعض الفلاسفة، وتطور الأمر فأصبحت تلك الهالة الآن هي أداة تشخيص دقيقة للأمراض التي تصيب الرُّوح والجسم معاً. الخـاتمـة حاولت جاهداً تقديم الموضوع بما يفيد القارئ الكريم، وعند التوغل في جوانب "تجربة الاقتراب من الموت" الكثيرة ظهر لي أهمية بحث الموضوع من جوانبه الأخرى التي لم يسعني تقديمها في هذا الكتاب، لذلك تقدمت إلى "القراء الأعزاء" برسالة مفتوحة في صدر المقدمة لكي نتعاون معاً على وضع أسس تجربة N. D. E في قالب عربي، يناسب طابعنا الشرقي وعقائدنا الدينية، ونحن بمشيئة الله وتوفيقه أهلٌ لها. واللهُ من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،، |
الإثنين أغسطس 01, 2011 4:53 am من طرف foufou90
» قـوآرب فـي بحــر الـحــيـــــآة
الإثنين أغسطس 01, 2011 4:02 am من طرف foufou90
» برنامج تحويل الفلاش الي رام روعه
الخميس يونيو 16, 2011 7:56 pm من طرف Admin
» برنامج فك باسورد اي ملف مضغوط روعه
الخميس يونيو 16, 2011 7:54 pm من طرف Admin
» هل تعلم أسرار عالم النوم
الخميس يونيو 16, 2011 2:07 pm من طرف Admin
» أروع مــا قيــل فـى الغــزل
الخميس يونيو 16, 2011 1:58 pm من طرف Admin
» عشرون نصيحة للطلاب في الاختبارات
الخميس يونيو 16, 2011 3:00 am من طرف foufou90
» موضوع عن الرياء كلمة عن الرياء
الخميس يونيو 16, 2011 2:55 am من طرف foufou90
» حقائق ستنصدم بأنها مُجرّد خرافات
الخميس يونيو 16, 2011 2:45 am من طرف foufou90